"القذائف عم تنزل علينا من كل مكان... تحاصرنا وما عاد نقدر نظل بالمخيم لأنو صار أبدًا مو آمن... لهيك طلعنا ع الحسكة"، هكذا عبر أحد النازحين من أهالي مخيم مبروكة في رأس العين إلى مخيم العريشة.
نتيجة للأوضاع الأمنية السيئة التي تتعرض لها محافظة الحسكة جراء القصف التركي على المناطق الحدودية شمال شرق سوريا، وخاصة منطقة رأس العين التي عانت من سقوط القذائف بشكل متوالٍ خلال الأيام الماضية، نُقِلَ أهالي مخيم مبروكة إلى مخيم العريشة بالتنسيق بين الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية والمفوضية السامية لهيئة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وفريق مخيم العريشة في الحسكة.
استقبل الأهالي فريقُ مخيم العريشة، الذي كان حاضرًا في المخيم من الساعة الثالثة ظهرًا، للقيام بالتجهيزات المناسبة واستقبال أول دفعة من الأهالي في تمام الساعة السابعة مساءً. رافق الفريق النازحين الجدد إلى أماكن التسجيل والخيام المخصصة لهم، متبعًا الإجراءات التالية: إرشاد أهالي مخيم مبروكة إلى مخيم العريشة الجديد، مساعدتهم في نقل أمتعتهم، مساعدتهم في نصب الخيام، واستقبال المصابين والمرضى ومنحهم أولوية الإرشاد إلى النقاط الصحية وإجراء الإسعافات لهم، بالإضافة إلى توزيع الاحتياجات الغذائية، ومنها الخبز. كما قام الفريق بعدة أنشطة توعية لأطفال مخيم المبروكة بهدف إبعادهم عن الحفر الفنية غير المغطاة في مخيم العريشة. استمر العمل حتى الرابعة فجرًا. وقد عبر أحد الأهالي النازحين من مخيم مبروكة عن امتنانه قائلًا: "جزاكم الله الخير... هي نخوة عربنا وولاد محافظتنا من طول عمرهم."
قد يكون العطاء المادي جزءاً من التغير في حياة الانسان، لكن التغير الحقيقي أن يكون ذلك العطاء مفعماً بالحب وصقل المواهب وزيادة الخبرات. السيدة /ع م ع/من مواليد 1987، متزوجة وأم لخمسة أطفال (3ذكور و2إناث) نازحة من حلب، وتسكن حالياً في منزل إيجار في حي بمدينة القامشلي. تم التعرف على السيدة /ع م ع/ أثناء جولات فريق متطوعي الوصول، تحدثت بحزن: "خسرت بيتي، شغلي في تصنيع الملابس وشقا عمري، تعبي وصحتي، حتى أملي بالحياة "
انضمت السيدة إلى مركز بيت الكل، وتم ترشيحها للحصول على مشروع صغير وهو مشروع (تصنيع مجالس عربية) وخضعت لدورة ريادة الأعمال لمساعدتها في تأسيس مشروعها.
بعد ذلك تمت مقابلتها مع المفوضية السامية لهيئة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومسؤول ملف المشاريع الصغيرة، وبالتحدث عن خبرتها في مجال هذه المهنة قدمت لها المساعدة بمشروعها من خلال تقديم ماكينة حبكة وماكينة درزة وبعض المواد الأولية (الاسفنج والأقمشة)
عملت السيدة على مشروعها من خلال شراء معدات إضافية من فائض ربحها، كما عملت على تحسين جودة العمل وتطوير مهاراتها.
ومن خلال عدة متابعات تبين الأثر الإيجابي في تحسّن مستوى معيشتها اليومية ومعيشة أسرتها وعبرت قائلة: "صرت أحس بمتعة، كل يوم جديد يمر عم أكون اقوى من اليوم الي راح" كما أضافت قائلةً:" أنا أسعى لمساعدة الناس على تعلّم هذه المهنة، الأشخاص المحتاجين ومن لديهم حب للعمل والاعتماد على أنفسهم ومنهم أولادي والجيران، حصلتُ على الخير دون مقابل، وأحاول تقديمه للآخرين".
في خيمة كانوا مجتمعين حفاة عراة عائلة نازحة من الرقة، مكونة من سيدة أرملة شهيد تدعى /م ا م/ مع ثلاثة أطفال ووالدتها المريضة وخالتها، تحرقهم حرارة الجو في خلاء أراضي حي أم الفرسان في مدينة القامشلي.
تم التعرف على السيدة من خلال جولات فريق متطوعي الوصول ، دُعيِت الى مركز بيت الكل -القامشلي حيث تعرفت على الخدمات والبرامج التي تقدمها الجمعية.
روت السيدة الصعوبات التي تعانيها في الخيمة التي تأويها من التحرش وحالات الخطف، والمخاوف التي كانت تنتابها نتيجة ظروف البلد الأمنية ومكوثها دون حماية كونها ارملة لا معيل لها.
طلبت المساعدة بتأمين عمل يسد قوتها اليومي ويحسن حياتها مع عائلتها.
وبمتابعة مسؤول ملف المشاريع الصغيرة تم ترشيحها لمشروع صغير لبيع الألبسة النسائية الجاهزة، وبناءً عليه حضرت دورة ريادة الأعمال لتأهيلها لإدارة مشروعها وكيفية الدخول الى السوق بشكل قوي، وتفوقت بشهادة المدرب خلال الدورة .
بعدها أجرت مقابلة مع المفوضية السامية لهيئة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومسؤول ملف المشاريع الصغيرة، ومن خلال عدة أسئلة اتضح أن السيدة لديها خبرة في العمليات الحسابية والقدرة على التعامل مع الزبائن، قُدِم لها ما يلزمها للانطلاق بمشروعها لبيع ألبسة نسائية جاهزة.
بعد ثلاثة أشهر ومن خلال عدة متابعات، استطاعت السيدة /م/ أن تساعد نفسها دون طلب يد العون، فاستأجرت منزلاً تقطن فيه مع أطفالها الثلاثة لحمايتهم وإعادة إحساسهم بالأمان بعد التجربة الصعبة في الخيام، وتأمين متابعة دراستهم. أصبحت أيضاً قادرة على تأمين حاجاتها الأساسية، وتأمين الدواء لوالدتها المريضة.
استطاعت السيدة /م/ بإرادتها القوية أن تنتقل من حياتها العشوائية لحياة منظمة أكثر وتحمي عائلتها، بفضل المشروع الذي كان نقطة تحول في حياتها وعبرت بقولها:" إن اسقطتني الحياة فهذا من شأنها، اما انا فدوري ان اكافح وانهض من جديد من اجل اطفالي ليقتدوا بي ".
نحن لا نختار الظروف التي تجبرنا على عيش الحياة بمرها ولكننا نؤمن بالفرص التي تقدم لنا ونؤمن بقدرتنا على اغتنامها بالشكل الأفضل.