الرئيسية

التثقيف اللاصفي ( المتسربين )

سعيدة بإنجازي

السلوك الواضح ينتج شخصية محددة المعالم. الطفلة (ب) تبلغ من العمر ١٦عاماً، تعيش مع عائلتها المكونة من والدها الذي لا يملك عمل ثابت، ووالدتها ربة منزل، واختها الكبرى وعمرها ١٩ عاماً، اخيها من أطفال ذوي الاحتياج الخاصة، مهجرين من منطقة الحجر الاسود ومقيمين حالياً في منطقة القدم.
بدأت الطفلة حضور جلسات التثقيف اللاصفي في مركز لمعة ذهب، بعد انقطاع لفترة عنه بسبب خوفها من فكرة وجود الانشطة والتواصل الاجتماعي، كونها انطوائية، وعدوانية الطبع، ومنغلقة على نفسها.

لوحظت هذه السلوكيات المتكررة من خلال مشاركتها في جلسات التثقيف اللاصفي.
خلال وجودها بالمركز ومشاركتها بالأنشطة، كانت تتسم ب ردات فعل عصبية وعنيفة، وسريعة الغضب مما يدفعها لمغادرة النشاط القائم.
عبرت في إحدى جلسات التعارف ضمن أنشطة التثقيف اللاصفي أنها تكره المدرسة والمدرسين، لاستهزائهم بقدراتها، مما نتج عنه خلل في تقديرها لذاتها، وزيادة كرهها لمادة الرياضيات لأنها لا تفهمها ابدا.

لاحظ مسؤول المركز الطفلة وتم التدخل معها على محورين.

المحور الأول تضمن مجموعة من الأنشطة التثقيفية من خلال كتب (لا لسخرية، تقبلي كمان أنا، ثقتي مصدر سعادتي، التعليم امان، كتاب الأرقام التفاعلي، سلسلة تعلم ذهنياَ واكتساب مهرات عمليات حسابية كجمع والطرح والضرب)

أما المحور الثاني فقد تم تحويله لبرنامج الدعم النفسي والاجتماعي وتضمن (آليات إدارة الغضب، وطرق السيطرة على ردات الفعل العصبية، واستبدالها بسلوكيات مقبولة اجتماعياً ومناسبة للموقف، التواصل اللاعنيف، الحوار والتعبير عن المشاعر بأساليب صحيحة)

بالإضافة إلى التركيز على نقاط القوة وإيجابيات الطفلة، وتدريبها على آليات السيطرة على مخاوفها، ومساعدتها على تقدير ذاتها وتقبلها، وزيادة ثقتها بنفسها بتفعيل شبكة العلاقات الاجتماعية الداعمة لها.



لوحظ تغيير بسلوكها بشهادتها هي أولا فعبرت بسعادة:" خففت عصبيتي كتير ومابقا ازعل بسرعه وماعد متل الأول اذا حدا عصب قدامي، كنت ابكي لما حدا يقلي اجمعي رقمين بس معكن صرت حب الرياضيات وتعلمت اجمع بدون بكا ولاخوف ".
وبشهادة والدتها بهذا التغيير:" بنتي كتير تغيرت وعصبتيها خفت وعم تتحمس لتكمل دراستها والمركز متل اسمو ذهب ".

وشهادة أقرانها:" /ب/ متغيرة معنا وعم تحكي وتلعب معنا ومابقى عصبت ".
قررت /ب/ ان تخوض تجربة تقديم الشهادة الاعدادية، وسنقوم بمرافقتها حتى تجتاز هذه السنة وتحقق النجاح في الشهادة الاعدادية بكل شجاعة وعبرت في الختام بسعادة:" أنا كتير تغيرت بالمركز ومارح انسى هدا الشي ابدا، بتمنى تخلوني احكي هذا التغير بفعالية وقدام كل الناس لولا المركز ماكنت طورت ".

 

 

 

هلأ اكتملت قصة نجاحي

ع/ث شاب في السابعة عشر من عمره، من أسرة مهجرة متوسطة الحال. "فاشل"، كلمةٌ لازَمَت جُمَلَه كلما تحدث عن تجربة رسوبه بالصف التاسع، وبالتالي تسربه، وصولاً إلى معهد خالد بن الوليد للأحداث "الجانحين".

ونزولاً عند رغبة الأهل، انضم للمدرسة ضمن المعهد ليتابع دراسته.

كثيرة هي الأيام التي تغيب فيها عن المدرسة، وكثيرة هي شكاوي المدرسين إن حضر. وعند سؤاله عن سبب تغيبه وعدم انضباطه، يكون جوابه "أنا فاشل وهذا رأي أبي وأمي بي، ولا أعرف لماذا يرغبون الآن بعودتي إلى دراستي".

  التقيت به لأول مرة بعد أن تم توقيفه بجنحة تعاطي المخدرات وترويجها وأثناء لقائنا روى لي تفاصيل قصته وسبب تسربه من المدرسة قائلاً:

في طفولتي أصبت بمرض السرطان في عيني مما اضطر الأطباء إلى استئصال العين. ونظرا لسوء اوضاع أهلي المادية لم أتمكن من تركيب عين اصطناعية تجميلية بديلة. وكلما تقدم بي العمر ازداد شعوري بالإحراج. وصرت أطيل شعري لأخفي به وجهي. ومع بداية العام الدراسي في الصف التاسع طلبت مني مديرة المدرسة قص شعري غير مكترثة بأسبابي. حتى جاء اليوم الذي قرَّرَت فيه وضع حد لعدم التزامي وتنفيذي لطلبها وقامت بفصلي. وكان شرط عودتي قص شعري. فقررت عدم العودة ومتابعة دراستي بعيداً، لأثبت لها أنني لست بحاجه لمدرستها وقوانينها.

وللمرة الثانية، ونظرا لسوء اوضاع أهلي المادية، لم أستطع التسجيل بمعهد خاص، فقررت متابعة دراستي لوحدي بالمنزل. ولكن الأمر كان مستحيلاً، فكان الرسوب حليفي. وتلقيت من أهلي اللوم لانقطاعي عن المدرسة وأكثر ما سمعته منهم كلمة فاشل. كثُرَ تغيّبي عن المنزل هربا من كلمة فاشل. وتعرفت على أصدقاء استمعوا لي كثيرا وايدوا موقفي وشجعوني، وقالوا أن الدراسة ليست هي النجاح الوحيد بالحياة بل هي وسيلة لجلب المال. وهناك وسائل أخرى لكسب المال واثبات أنك ناجح.

نصحوني بالبحث عن عمل لأثبت للجميع أنني لست فاشلاً، وفعلا هي أيام ووجدت عملاً في فرن الخبز في حَيّنا. وبدأت أكسب المال، لكن نظرتي لنفسي لم تختلف، فما زلت ذلك الفاشل وما زلت أرى هذه الكلمة في نظرات أهلي، وبات الحزن صديقي. ومع الأيام أصبحت وصاحب الفرن صديقين مقربين. أخبرته قصتي، فكان جوابه أن الحياة بدون حبة لا تعاش. وأعطاني حبة وفعلا قمت بتجربتها، فأعجبني ما تقوم به من تخدير للشعور وتخفيف الإحساس بالألم النفسي الذي ارهقني. ومنذ تلك اللحظة وأنا أتناول الحبوب المخدرة بشكل مستمر لأني أريد الهروب من نفسي وواقعي المؤلم. وهذا الأمر تطلب المزيد والمزيد من المال. فقررت العمل بترويج الحبوب وبيعها. ومع أول يوم عمل لي كتاجر قُبِض علي، وأنا اليوم في معهد خالد بن الوليد وأهلي يرغبون بعودتي للمدرسة أما أنا فانتظر لحظة خروجي لأعود لعملي في ترويج الحبوب وهذا هدفي وحلمي، وسأجمع مالاً كثيراً وأثبت للعالم ولأهلي أنني لست بفاشل.

,وهنا بدأت حكايتنا مع ع/ث

- بس تركت المدرسة لاحظت من كلامك أنك كنت مصمم تكمل دراستك ليه، بس لتثبت للمديرة  أنك مو فاشل .

 -بحاجة المدرسة

 -لا

 -شو كان حلمك؟

 -كنت بدي صير إعلامي كبير ومشهور كنت بدي غير العالم بكلماتي كنت بدي اعمل أشياء كثيرة ......

 -لو تسمع حالك وانت عم تحكي؟

-شو يعني آنسة؟

-أنت عم تحكي بكل حب وشغف وحماس

 -كان حلمي

-خلينا نجرب نحققه

-أنا فاشل

 -أنت شخص مثل كل الناس، تعرضت لظروف صعبة شوي، وهلأ تجاوزت هي الظروف ولازم تبدأ من جديد

 

 -يعني أنا مو فاشل ؟

 -لا

 -بقدر؟

 -القرار الك

-بقدر

 

وبالتعاون مع الكادر التدريسي اتفقنا على هدف واحد وهو تشجيعه لمتابعة دراسته. وكانت إجابة على سؤال واحد فقط بشكل صحيح كافية لإخبار الجميع بالتقدم الذي يحرزه بدراسته، وعلى مسمع منه، فاجتهد وثابر والتزم. وبقيت أمامنا صعوبة فقد تكررت ملاحظة آثار جانبية عليه تشير لدخوله ع الصف تحت تأثير مادة ما وكثيرا ما تحدث لأصدقائه عن تأثير مادة الحشيش في تحسين الذاكرة والمساعدة على الدراسة والتركيز فكان الكلام معه بشكل واضح ومباشر وطلبت منه عدم دخول المدرسة وهو تحت تأثير مادة وتكررت الملاحظة دون فائدة فقررت وضع عبدو بنفس الظروف التي مر بها سابقا ولكن هذه المرة بشكل مدروس ومتابع من قبل قسم الدعم النفسي فتم فصله من المدرسة لعدم التزامه بقواعد المدرسة وأنا مدركة تماما لأهمية المدرسة له الآن ، فبدأ بإرسال كل من يعرف برسائل مختلفة بدأت بكلمة وبالناقص من المدرسة مرورا بوعود مختلفة بالالتزام وانتهت بالبكاء

- لما البكاء الآن؟

- ما خليت حدا وما بعتوا واسطة وانت ما عم توافقي

- باقي شخص وكان ممكن وافق معه بعد مناقشته

- مين؟

- انت

-بالمرة الأولى وليس دفاعا عن موقف المديرة ولكن أظن أنها كانت تريد أنت تقول لك كن واثقا بنفسك أكثر ولكن الرسالة لم تصل بشكل صحيح فردة الفعل كانت غير صحيحة أيضا.

وللمرة الثانية أقول لك كن واثقا بنفس وقدراتك وتغلب على نفسك لتصل لحلمك ....

وبعد حوار دام لأكثر من ساعتين عاد للمدرسة، وتقدم للامتحان، وكان النجاح حليفه.

في ذلك اليوم راح يركض في المعهد بجنون ويقول أنا نجحت أنا مو فاشل وراح يسلم ويقبل جميع نزلاء معهد خالد بن الوليد.

وتقدم مني على عجل قائلا:

-أريد كتب البكالوريا

- تمهل

-أريد كتب البكالوريا

 -عليك اولا التقدم للامتحان الترشيحي

- اشرحي لي أكثر

- تمهل

 -أريد كتب البكالوريا، أريد أن ينام حلمي إلى جانبي هذه الليلة،... آسف يا آنسة نسيت أقولك:" شكرا. شكرا يا أحلى جمعية وأحلى فريق شكرا كتير آنسة. طعم النجاح حلو، بدي نجاح أكبر وأكبر، بدي صير إعلامي كبير".

وماهي إلا أيام قليلة حتى تم إخلاء سبيله.

لكن متابعتنا له لم تنتهِ. فتم تزويده بالمستلزمات الدراسية بشكل كامل. وكنا على تواصل دائم معه، ليطلعنا على علاماته ورأي المدرسين فيه. تقدم للامتحان الترشيحي ونجح. وتابع دراسته وكان مثابراً ومجتهداً.

وفي اليوم الأول للدورة الشتوية بمعهد خالد بن الوليد طلبت منه الحضور، كقدوة لغيره، وإلقاء كلمة، فتحدث بكثير من الحب والامتنان وردد لعدة مرات: "الفشل هو أن تستسلم. لا تستسلموا. أنا عملتها وأنتوا بتقدروا تعملوها. النجاح حلو".

واليوم صدرت نتائج البكالوريا، فتلقيت اتصالاً منه ومن أهله ليخبرني بنجاحه قائلا:" هلأ اكتملت قصة نجاحي شكرا للجمعية شكرا الظروف يلي جمعتني فيكم احلى فريق لم ولن أنسى أنكم أصحاب الفضل الحقيقين بعد رب العالميّن".

 

 

رغم كل شي بدنا ننجح

شهد زهير عثمان فتاة يافعة لا يتجاوز عمرها الخامسة عشر، تعيش ضمن أسرة مؤلفة من أب وأم وهي الفتاة الوسطى بين أخواتها الثلاث وأخوتها الثلاثة أيضاً، وهي من سكان قرية الحاضر الأصليين، واضطرت للنزوح الى قرية البوبية لمدة سنة بسبب الأوضاع.

 السيئة في مكان سكنها وهذا ما انعكس سلباً على مستواها الدراسي، وبسبب الحرب والنزوح انقطعت شهد عن المدرسة لمدة سنتين
ومن خلال متطوعي الوصول في منطقة الحاضر تعرفت شهد على الخدمات التي تقدمها الجمعية، وقررت زيارة مساحة الحاضر المجتمعية والتعرف على ما تقدمه الجمعية من برامج.


بدأت أحداث قصتنا مع شهد في بداية تدخلاتنا في الحاضر حيث لاحظ الميسرون حالتها النفسية المتردية بسبب خوفها على مستقبلها الدراسي الذي كان قد تدهور من وجهة نظرها، لكن محاولات الميسرين معها لم تذهب سدى ففي إحدى جلسات مادة الهندسة أثناء حل الميسر لمسالة، طلب من الأطفال التفكير لمساعدته بإيجاد طريقة للحل كانت شهد مترددة تارة ترفع يدها للمشاركة وأخرى تتراجع إلى أن طلب منها الميسر المحاولة مع مساعدته لها في إيجاد الطريقة، تشجعت شهد و تمكنت بذلك من تذكر بعض القوانين المتعلقة بالمسألة قائلة :(ما كنت متوقعة اقدر أتذكر شيء قديم ببالي).


كما انه في إحدى جلسات اللغة العربية قامت شهد بقراءة القصيدة بفصاحة وعندما أثنى عليها الميسر قالت له: (كل يوم عم حاول اقرأ كم بيت شعر وأتدرب على الإلقاء لأقدر ارجع متل قبل ).


وفي أولى جلسات اللغة الفرنسية لاحظ الميسر أن الأطفال كانوا يبدون عدم اهتمام بهذه المادة بسبب عدم توافر الأستاذة المختصين في القرية وعدم معرفة أساسياتها، إلا أن مع الوقت اظهر بعض الأطفال تحسنا ملحوظاً ومن بينهم كانت شهد حيث أصبحت من المتفوقين بهذه المادة كما ساهمت بتشجيع ومساعدة رفاقها على التعلم.


كانت جميع هذه المواقف دلائل على مدى تحسن حالة شهد النفسية وقدراتها العلمية بمشاركة ميسري التعليم الا ان ثمرة هذا التعب كنا قد جنيناها عندما توج إلينا خبر نيل شهد للشهادة الإعدادية بمجموع قدره 165 وكانت علامتها في اللغة الفرنسية 18 درجة وكانت فرحتها كبيرة لحصولها على هذه العلامة.


مع العلم أن شهد مازالت مثابرة على زياراتها إلى مساحة الحاضر المجتمعية راغبة في تقوية ذخيرتها العلمية.

 

التغلب على الصعاب

 

مرح، محمد، فرح وأحمد، أخوة من عائلة واحدة، أعمارهم 19 و 18 و 17 و 15 سنة على الترتيب، هم مثال للأخوة المترابطين والمتساعدين مع بعضهم خاصّة بعد وفاة والدتهم عام 2005 وكانت أعمارهم حينها مرح (6سنوات) محمد (5سنوات) فرح (3سنوات) أحمد (سنتين) وتركت وفاة والدتهم أثراً عميقاً في نفوسهم ودفعهم لتوطيد صلاتهم ببعضهم البعض حيث أخذ كلّ أخ على عاتقه مسؤوليّة من مسؤوليات العائلة وتولّت الفتيات الأعباء المنزليّة الداخليّة، ولم يتوانى الفتيان عن العمل في مهنة الخياطة مع والدهم ومساعدته حيث تقع ورشة الخياطة في نفس مكان الإقامة خلال سنوات الأزمة، ولكن في الوقت الحالي عادوا إل منزلهم الأساسي في منطقة التلفون الهوائي.


لم يغيّر زواج والدهم من امرأة أخرى الوضع العام للعائلة سوى أنّه أثمر عن إنجاب أخين آخرين هما علي وعليا ليدخلوا أيضاً دائرة اهتمام ومسؤوليّة الأخوة الأخرين وفي ظل الأزمة التي عصفت بمدينة حلب، اضطر الأخوة الأربعة إلى ترك الدراسة من الصفوف الثامن والسابع والسادس والخامس لكل من مرح ومحمد وفرح وأحمد على الترتيب، خاصّة أنّ والدهم لا يُولي اهتماماً زائداً للدراسة وخاصة أنه هو ايضاً ترك المدرسة من الصف السادس وتفرّغ لمهنة الخياطة.


وفي إحدى جولات الرصد لفريق مركز البيت بيتك ضمن ورشات المهن في المنطقة تعرّفت العائلة على المركز ولم يبدِ الأب مانعاً من إرسال أطفاله إليه وذلك بعد رغبة الأطفال بالتقدّم لامتحانات شهادة التعليم الأساسي. ثابر الأخوة الأربعة على الدروس وحضور الجلسات رغم مستواهم الضعيف جداً وبدأوا بتعلّم الكتابة وتحسنت قراءتهم، ولم يؤثر انقطاعهم لفترة طويلة عن الدراسة ولا ظروفهم المنزليّة الصعبة عن الالتزام والمذاكرة بجدٍ واجتهاد وبذل قصارى جهدهم في التعلّم وتطوير مستوياتهم، فكانوا مضرب المثل لزملائهم في السعي وعدم اليأس والإصرار والعزيمة.
وفي إحدى جلسات مادة الرياضيات والتي تحتاج إلى تركيز شديد ومتابعة دائمة، تحدّث محمد مع الميسّر حول رغبته بالمجيء للمركز هو وأخوته للجلوس فيه لساعات طويلة والدراسة بشكل جديّ قبل الامتحان وفعلاً كان لهم ما أرادوا حسب الإمكان وقد عبّروا عن امتنانهم فقالت مرح "هون عم نحسن ندرس ونركّز أكتر من البيت ولمّا بيصعب علينا شي منسألكن رأسن"
لقد حاول الأخوة الأربع بكل ما فيهم من وعي وقوّة اجتياز الامتحانات، وقاموا بكل ما بوسعهم لكن الظروف لم تسعف سوى بنجاح راما بالامتحان أمّا الثلاثة الآخرون لم يجتازوا الامتحانات، لكنّهم اكتسبوا جميعاً مهارات مختلفة في التحليل والاستنتاج والقراءة والكتابة والعودة إلى جو الدراسة والعلم.
"ما في مشكلة أستاذ نجاح مرح هو نجاح لكلياتنا، ونحن رح نعيد التاسع ونقدّم سنة الجاي ونضل بالمركز معكن إذا ما بتملّوا مننا" هذا ما قاله أحمد للميسّر بعد صدور النتائج لتتجلّى روح الثقة بالنفس والصبر والمثابرة والعزيمة في كلمات هذا اليافع الطموح.

 

نشاط للأطفال المتسربين من المدارس

ضمن نشاطات تعريف الأطفال المتسربين بقواعد اللغة العربية، وبهدف الارتقاء بمستوى الاطفال التعليمي تمهيداً لإعادة دمجهم في المدارس.


أقام فريق الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية بالتشارك مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مركز امل المجتمعي في مدينة حلب نشاطاً بعنوان أسماء الاشارة تضمن فقرات لأعمال يدوية قام بها الطلاب بمذاكرة معلومات وأفكار الجلسة بطريقة تفاعلية وخلالها عبر الاطفال بما يلي:

  • "انا كتير انبسطت لان اليوم تعلمت اسماء الاشارة ماكنت بعرفهن من قبل بس اليوم تعلمت شي جديد "
  • " اليوم تذكرت انو اخدت هيك شي بالمدرسة لما كنت صف تاني بس ماتعلمتهن بنفس الطريقة لان طريقتكن أسهل بكتير"

 

أحلام صغيرة

محمد سالم عبود وعلي المزعل وشادن هواش المزعل أطفال لم تتجاوز أعمارهم عشر سنوات، نزحوا من دير الزور، المنطقة التي كانوا يسكنون فيها، نتيجة الحرب والأزمة، تاركين وراءهم كل ما يملكون، واستقروا في مدينة بانياس، حيث استأجر أهلهم منازل تؤويهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
نتيجة ذلك، لم يتمكن الأطفال من دخول المدرسة، وحُرموا من حقهم في التعليم. لكنهم تعرفوا من خلال حضور أمهاتهم جلسات "اسمع قلبي" في مركز بيت الياسمين للجمعية السورية للتنمية الاجتماعية على الأنشطة التعليمية التي تقيمها الجمعية، ومنها برنامج التثقيف اللاصفي الذي يقوم على التعامل مع الأطفال المتسربين من المدرسة وإجراء جلسات تعليمية لهم بوسائل ترفيهية، بحيث يتم إيصال المعلومة لهم بطريقة سلسة غير طريقة التلقين الموجودة في المدرسة. وهكذا بادرت الأمهات إلى تسجيل أطفالهن في البرنامج، معبرات عن سعادتهن بوجود البرنامج الذي يخدم أطفالهن ويعلمهم.
ارتاد الأطفال مركز بيت الياسمين مدة شهرين وكانوا فرحين جدًّا بالمعلومات التي يتلقونها في المركز. لكنهم كانوا يعانون من بُعده عن مكان إقامتهم وسط المدينة، فانتقلوا إلى مركز ورد جوري التابع للجمعية الذي افتُتح في منطقة بانياس البلد لتخفيف معاناة التنقل عليهم، وتابعوا تعليمهم في المركز. استمر تعليمهم مدة ثلاثة أشهر، شهران منها في مركز بيت الياسمين والثالث في مركز ورد جوري، وتمكنوا بعدها من تعلُّم مبادئ القراءة والكتابة والحساب وأصبحوا جاهزين للعودة إلى المدرسة.
كما تابع فريق الجمعية العمل معهم، حيث قمنا بمساعدة الأهل في تسجيل أطفالهم في المدرسة الحكومية ومرافقتهم الى المجمع التربوي في بانياس، وهو الأمر الذي لاقى استحسان الأهل الذين توجهوا بالشكر للفريق. قالت إحدى السيدات: "من كل قلبي بشكركم... رديتولنا الفرحة وساهمتو بتحقيق أحلام ولادنا بدخول المدرسة متل باقي الأولاد..."
في اليوم الأول من بدء العام الدراسي، أتى الأطفال إلى مركز ورد جوري قبل ذهابهم إلى المدرسة كي نراهم في ثيابهم المدرسية، وكانت فرحتهم كبيرة جدًّا. كما ذهبت متطوعة إلى المدرسة للاطمئنان على وضع الأطفال بعد عودتهم إليها. وعند لقائها بالأطفال قالت لها شادن: "أنا كتير مبسوطة إني رجعت عالمدرسة وصار عندي تلات رفقات جداد!"

حفلة لطلاب الصف التاسع الناجحين

لأن النجاح هو نتيجة عمل ونشاط ومثابرة أقامت الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية في حلب بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين احتفالية للناجحين في الصف التاسع، تضمنت الحفلة فقرات فنية قدمها الأطفال، تلاها مجموعة من الألعاب الترفيهية، واختتمت الفعالية بفقرة فرح وتكريم للأطفال المتفوقين وتقديم هدايا لجميع الناجحين. بعد السعادة التي غمرت الأطفال بسبب نجاحهم لم يتوقعوا أن يحتفل بهم أحد لأن النجاح يكفيهم، تفاجئوا بالاحتفالية فقام أحد الأطفال بتقديم أزهار للميسرين قائلاً: (أنتو بتستحقوا ورود العالم كلو على الشي يلي قدمتوه) وقال آخر (معقول بعد تعبكم معنا طول السنة كمان رح تعملولنا احتفال حلو متل هاد عن جد شو ما عملنا مارح نوفيكم ولا أي شي من اللي عملتوه معنا)
وإحدى الفتيات طلبت من الميسرات صورة تذكارية معهم قائلة: (أول مرة حدا بيعمل حفلة إلي وبحضرها مع الآنسات يلي بحبن وهنن قدوتي بدي صورة معكن حتى ما أنسى هاليوم بحياتي).
أحد أطفال صف التاسع الأحرار قال: (أنا كتير متحمس قدم البكالوريا لشوف شو بدكن تعملولنا بعد هالحفلة الكبيرة).
في اليوم الذي يلي الحفلة أتت إحدى الأمهات ومعها بعض الحلويات لتشكر الميسرين على الأشياء التي قدموها للأطفال، خاصة وقد كانت ترفض حضور ابنتها للحفلة وبعد إصرار الميسرين وتكفلهم بأخذها وإعادتها وافقت على ذهابها.
شكرت الفتاة المتفوقة الميسرات وهي تغادر الحفلة قائلة: (شكراً كتير حسيت حالي مميزة عنجد اليوم بالذات والكن فضل كبير على كلياتنا).
عبر الأطفال عن سعادتهم عند رؤيتهم ستاند صورهم بالجلسات (ياي يا أستاذ اديه حلوين هالصور بتذكر كل صورة، انا بحس هاد بيتي وبرتاح فيه).

Subscribe to التثقيف اللاصفي ( المتسربين )