الرئيسية

قنديل من ربيع

ربيع طفل في الثالثة عشرة من العمر يعيش مع أفراد أسرته البسيطة في رأس النبع في مدينة بانياس من بيئة اجتماعية فقيرة يعمل فيها رب الاسرة بأعمال البناء بينما الأم فهي ربة منزل.


ولد ربيع كفيف البصر بعيد عن ابسط وسائل التواصل والتعليم بسبب غياب المعرفة لدى الأهل عن أمكانية التحاق ربيع بالمدرسة غير ان فريق الوصول الخارجي استطاع اكتشاف حالة الطفل الكفيف وتم تعريفهم ببرامج الجمعية وخصوصا ما يتعلق بالمكفوفين منها حيث أبدى أهل ربيع الرغبة في الحصول على الفائدة من زيارة المركز المجتمعي في بيت الياسمين.


تم دعوة الطفل وأمه لحضور إحدى جلسات الجمعية الخاصة بتنشيط المكفوفين وعندما قام ربيع بزيارته الأولى للمركز برفقة أمه تم دراسة الحالة من قبل ادارة الحالة في بيت الياسمين بحضور الميسرين للجلسات.


وبعد تقييم الاحتياج، قام فريق إدارة الحالة بضم ربيع إلى مجموعة الصداقة الخاصة بالأطفال المكفوفين.
في تلك الزيارة تعرف ربيع وأمه على آلة برايل الخاصة بالكتابة والقراءة لكل كفيف كما تعرفوا على الأنشطة المنفذة في المركز والتي تستهدف تنمية الشخصية لدى الكفيف بشكل يسمح له التفاعل مع المجتمع المحيط به وهذا ما شجع الطفل على الالتزام بمجموعة الصداقة التي استضافته في بيت الياسمين.


في البداية لاحظ الميسرون أن الطفل لديه حالة من التردد والخوف وذلك من خلال التحدث بصوت خافت مرتجف ورفض أي طلب يوجه إليه كذلك من خلال المشي بانحناء وارتباك وتردد في الخطوات لذا بدأ الميسرون بتنشيط ربيع وتأهيله للتفاعل بثقة عبر تطبيق ألعاب تنمي المهارة الشخصية وتمنحه الجرأة.


وبعد مضي بعض الوقت، تمكن الطفل من التفاعل مع الميسر بشكل تدريجي وأخذ يبدي استجابة لطلبات الميسر الخاصة بتنفيذ النشاط تم تعريف ربيع بالجهات والتحرك في غرفة النشاط بحسب الجهة التي يطلب منه التحرك بها وذلك من خلال استخدام موسيقا تحرك بالاتجاه المطلوب بعد مضي شهر نفذ الميسرون للطفل نشاطا رياضيا بهدف تعزيز الثقة لديه عبر المشي باستقامة واستخدام الجهات بشكل سريع وتقوية الجرأة على الخطوات السريعة وذلك عبر نقاط ارتكاز كالحبال أو جدران الغرفة.


خلال الشهر الثاني بدأ الميسرون تعريف الطفل ربيع بنظام برايل للكتابة والقراءة حيث حضرت أمه الجلسة بهدف المساعدة في استجابة ربيع لذلك تم التعريف بخلية برايل.


تمكن ربيع بمساعدة الميسرين وتعاون أمه من حفظ أرقام الحروف بشكل ممتاز اتضح عبر الاختبار الذي أجري له في كل جلسة من الجلسات المخصصة لتعلم أحرف برايل.


وفي كل جلسة كان الميسرون يجرون المناظرة بين المستفيدين بحيث يسأل كل واحد صديقه عن حرف ثم يجيب الصديق بأرقام الحرف الذي سئل عنه ثم يدقق السائل لصديقه وهذا أعطى ربيع فرصة بتنمية شخصيته بشكل أكبر عند شعوره بالتفوق على أصدقائه كما أنه تلقى دورة في الحساب الذهني باستخدام المعداد ضمن برنامج التنمية الفكرية من خلال إجراء عمليات حسابية بلمس المعداد ومعرفة تواجد الخرزات أحب الفكرة كثيرا لأنه فيها نوع من المنافسة مع رفاقه المكفوفين وخلق بالإضافة إلى تجربة برايل نوع من الحماسة في إجراء عمليات حسابية ذهنية بسرعة تم الاهتمام معه وتطويره بشكل متكرر حتى أصبح يجري الحساب الذهني بدون المعداد من خلال الخيال.


أدى ذلك إلى إدخال حالة من الفرح والأمل بحياته فهو يفرح كثيرا في كل عملية حسابية يجريها وخاصة عندما يكون الجواب صحيح مما خلق نوع من الثقة بالنفس وزادت قدراته الدماغية بعد أن كان بطيء ويعاني من بقائه لوحده مع والدته في المنزل فهو خرج من ظلمة الحياة إلى النور بنشاطاته ومهاراته التي بدأت تتطور شيئا فشيئا.


والجدير بالذكر أن ربيع لم يتخلف عن أي جلسة من جلسات المركز منذ زيارته الأولى بل على العكس كان يتصل أذا تأخر باص النقل عن اصطحابه للمركز. كذلك أبدى رغبة في متابعة تعليمة وتحقيق حلمه بالحصول على شهادة التعليم الأساسي. كما أنه انتقل من مرحلة التردد والخوف إلى النشاط والتفاعل بحيث صار يحكي في كل جلسة حكاية أو يقرأ بصوت واضح.


"ربيع " طفل لم تسمح له الظروف أن يمارس حق التعليم رغم امتلاك قدرات كامنة لكن فريق الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية "بيت الياسمين" تمكن أن يعيد له الامل بمستقبل مشرق من خلال ما تلقاه من الفائدة والتأهيل.


الميسرون: ممدوح ابراهيم ديبو + غنوة الشمالي + نيرمين صيوح + ابراهيم مسلم + فتاة محمد