الرئيسية

زهرة الأقحوان

لا تتحقق الأعمال بالتمنيات إنما بالإرادة تُصنع المعجزات. السيدة/ع/الآن تبلغ من العمر 18 سنة كانت زيارتها الأولى لمركز فرح المجتمعي لحضور حملة عن الزواج المبكر، طلبت خلالها المشورة والمساعدة، فتمت إحالتها لمدير الحالة.
تمت مقابلة السيدة من قبل مدير الحالة وكان وضعها النفسي سيئاً جداً، فاقدة للأمل بالحياة، وشكواها الأساسية زواجها بعمر مبكر (15 عاماً) خوفاً من فكرة العنوسة وتلبية للعادات والتقاليد في بيئتها التي تفرض الزواج بعمر صغير، وانتقالها إلى خارج القطر، بسبب ذلك حرمت من حقها في التعليم.

خلال المقابلة الأولى كان عمرها 17 سنة وعلامات الاكتئاب والعزلة والخوف واضحة عليها.
وبعد عدة جلسات تبين أنها كانت تتعرض لسوء المعاملة من زوجها من ضرب وإهانة، ثم أرسلها إلى سوريا بحجة زيارة أهلها لمدة شهر، لكنها اكتشفت عند محاولتها للعودة أنه قام بتخريجها من لبنان دون عودة، حاولت وأهلها التواصل معه فصرح بأنه لا يريدها وسيبحث عن شريكة جديدة.
كانت هذه الصدمة سبباً لاكتئابها وقلة ثقتها بنفسها، بالإضافة لمنعها من مغادرة المنزل من قبل والدها. طلبت السيدة الطلاق من زوجها ولكنه كان يرفض تهرباً من مسؤولياته المادية تجاهها.
استمر العمل مع الفتاة لعدة أشهر، وكانت البداية العمل على تعزيز ثقتها بنفسها والتقليل من شعور اللوم الذي كانت تشعر به، وتشجيعها للعودة للدراسة، ونجحنا بتغيير رأيها باستحالة ذلك لسيدة تزوجت وانفصلت، وبدأت تحدد أولوياتها، واقتنعت أن هذا من حقها وبأنها تستطيع أن تتعلم طالما لديها الرغبة والإرادة.

بداية الأمر رفض الأهل الفكرة لضعف القدرة المادية، ولقناعتهم أن الفتاة مصيرها الزواج، ورفض والدها خروجها من المنزل بمفردها، ولكن بعد عدة جلسات مع والدتها، قررت أن تدعم ابنتها التي ستكون في البرنامج التعليمي ضمن المركز بشكل مجاني، وتوصلها للمركز، وهكذا تمت إحالتها للبرنامج التعليمي.


في البداية، كانت السيدة خلال الجلسات التعليمية تجلس لوحدها ولاتكلم أحداً ولا تشارك أبداً، وعند سؤال والدتها أكدت أنها تفضل أن تكون وحيدة أيضاً في المنزل ولا تشاركهم الجلوس أو الطعام، وتبدي ردات فعل جارحة تسيء لعلاقتها مع العائلة، فتمت إحالتها للأخصائية النفسية.
التزمت الفتاة فعلاً بالجلسات مع الأخصائية، واستمر العمل معها عدة أشهر، شاركت خلالها بالعديد من الحملات والأنشطة في المركز، وأبدت تجاوباً كبيراً وأصبحت تشارك في الحملات بكل طلاقة وتخلصت من الحزن والبكاء الذين كانا يرافقانها بشكل دائم، وكونت العديد من الصداقات.

 وبناءً على ذلك كله تقدمت لامتحانات الشهادة الإعدادية ولديها أمل كبير في النجاح.

لاحظت الأم التغيير الذي أصاب ابنتها وتحسن علاقتها معها ومع أخواتها، وبدأت تشاركهم الحياة وتساعد أمها وتحادثها بعد أن كانت كما وصفتها أمها بأنها غامضة جدا.
خلال المتابعات كانت السيدة على تواصل مع زوجها لتتحاشى فكرة الطلاق، ووافق أهلها أيضاً، بسبب نظرة المجتمع للسيدة المطلقة، ولكن زوجها أكد رفضه لها، وفي آخر مكالمة بينهما وبوجود أهلها قام برمي يمين الطلاق شفهيا وبعد رفضه القيام بإجراءات الطلاق، قررت السيدة وأهلها رفع دعوى تفريق في المحكمة، وتمت إحالة الفتاة إلى الخدمة القانونية لاستكمال الإجراءات، وأبدت السيدة رغبتها وانتظارها للحصول على الطلاق الذي سيعطيها فرصة انطلاق لحياة جديدة وعبرت بقولها:
"بعد أن كنتُ زهرة ذابلة، أزهرتُ من جديد وعاد لي لوني وأملي بالحياة، رأيت أن الحياة جميلة ولا تتوقف على غياب شخص، أنا أملك الكثير من الجوانب المشرقة في حياتي، وأهمها عودتي للدراسة لأحقق ذاتي من جديد، أنا الآن قوية بما قدمتموه لي ضمن مركزكم، وسأنطلق للحياة من جديد".