الرئيسية

التغلب على الصعاب

 

مرح، محمد، فرح وأحمد، أخوة من عائلة واحدة، أعمارهم 19 و 18 و 17 و 15 سنة على الترتيب، هم مثال للأخوة المترابطين والمتساعدين مع بعضهم خاصّة بعد وفاة والدتهم عام 2005 وكانت أعمارهم حينها مرح (6سنوات) محمد (5سنوات) فرح (3سنوات) أحمد (سنتين) وتركت وفاة والدتهم أثراً عميقاً في نفوسهم ودفعهم لتوطيد صلاتهم ببعضهم البعض حيث أخذ كلّ أخ على عاتقه مسؤوليّة من مسؤوليات العائلة وتولّت الفتيات الأعباء المنزليّة الداخليّة، ولم يتوانى الفتيان عن العمل في مهنة الخياطة مع والدهم ومساعدته حيث تقع ورشة الخياطة في نفس مكان الإقامة خلال سنوات الأزمة، ولكن في الوقت الحالي عادوا إل منزلهم الأساسي في منطقة التلفون الهوائي.


لم يغيّر زواج والدهم من امرأة أخرى الوضع العام للعائلة سوى أنّه أثمر عن إنجاب أخين آخرين هما علي وعليا ليدخلوا أيضاً دائرة اهتمام ومسؤوليّة الأخوة الأخرين وفي ظل الأزمة التي عصفت بمدينة حلب، اضطر الأخوة الأربعة إلى ترك الدراسة من الصفوف الثامن والسابع والسادس والخامس لكل من مرح ومحمد وفرح وأحمد على الترتيب، خاصّة أنّ والدهم لا يُولي اهتماماً زائداً للدراسة وخاصة أنه هو ايضاً ترك المدرسة من الصف السادس وتفرّغ لمهنة الخياطة.


وفي إحدى جولات الرصد لفريق مركز البيت بيتك ضمن ورشات المهن في المنطقة تعرّفت العائلة على المركز ولم يبدِ الأب مانعاً من إرسال أطفاله إليه وذلك بعد رغبة الأطفال بالتقدّم لامتحانات شهادة التعليم الأساسي. ثابر الأخوة الأربعة على الدروس وحضور الجلسات رغم مستواهم الضعيف جداً وبدأوا بتعلّم الكتابة وتحسنت قراءتهم، ولم يؤثر انقطاعهم لفترة طويلة عن الدراسة ولا ظروفهم المنزليّة الصعبة عن الالتزام والمذاكرة بجدٍ واجتهاد وبذل قصارى جهدهم في التعلّم وتطوير مستوياتهم، فكانوا مضرب المثل لزملائهم في السعي وعدم اليأس والإصرار والعزيمة.
وفي إحدى جلسات مادة الرياضيات والتي تحتاج إلى تركيز شديد ومتابعة دائمة، تحدّث محمد مع الميسّر حول رغبته بالمجيء للمركز هو وأخوته للجلوس فيه لساعات طويلة والدراسة بشكل جديّ قبل الامتحان وفعلاً كان لهم ما أرادوا حسب الإمكان وقد عبّروا عن امتنانهم فقالت مرح "هون عم نحسن ندرس ونركّز أكتر من البيت ولمّا بيصعب علينا شي منسألكن رأسن"
لقد حاول الأخوة الأربع بكل ما فيهم من وعي وقوّة اجتياز الامتحانات، وقاموا بكل ما بوسعهم لكن الظروف لم تسعف سوى بنجاح راما بالامتحان أمّا الثلاثة الآخرون لم يجتازوا الامتحانات، لكنّهم اكتسبوا جميعاً مهارات مختلفة في التحليل والاستنتاج والقراءة والكتابة والعودة إلى جو الدراسة والعلم.
"ما في مشكلة أستاذ نجاح مرح هو نجاح لكلياتنا، ونحن رح نعيد التاسع ونقدّم سنة الجاي ونضل بالمركز معكن إذا ما بتملّوا مننا" هذا ما قاله أحمد للميسّر بعد صدور النتائج لتتجلّى روح الثقة بالنفس والصبر والمثابرة والعزيمة في كلمات هذا اليافع الطموح.