الرئيسية

رجعتلي الحياة

السيدة سعاد تبلغ من العمر45 سنة، فقدت زوجها، تعيش حالياً مع ابنها وزوجته في نفس المنزل وليس لها معيل غيره، وغير قادرة على العيش المستقلّ .
كانت سعاد إحدى زائرات مركز الفرح في عدرا، وأصبحت من المشاركات بحملات المركز. وفي إحدى حملات المركز التي تتحدث عن العنف النفسي، شاركت بقصة صغيرة من القصص الكثيرة المماثلة التي تعيشها في حياتها اليومية وتتمحور حول عدم الرغبة بوجود الكبير في العائلة.
تمت مقابلة السيدة بشكل فردي، وتحدثت عن وضعها :
بعد أن فقدت السيدة زوجها أصبحت تشعر بالضيق والتعب بشكل دائم، وحياتها في المنزل غير مريحة. فزوجة ابنها تسيء معاملتها ولا تشاركها لا بالحديث ولا بالجلوس معها، وتشعرها بأنها عبء ثقيل عليها وعلى زوجها ذو الوضع المادي السيء وبصعوبة كبيرة يؤمن احتياجاتهم اليومية.
أما ابنها فيُسمِعها كلاماً قاسياً وانتقادات جارحة كلما رآها تهتم بأناقتها ومظهرها أو تختار ملابس زاهية الألوان .
كل ذلك أثر سلباً على الصحة النفسية للسيدة، وبسبب العنف النفسي الذي تعرضت له ظهرت أعراض الاكتئاب واضحة عليها: كانت تردد دائما بأنه لا معنى للحياة، ولم تعد تشعر بلذتها حتى لو خرجت من المنزل، إضافة إلى اضطراب النوم وفقدان الشهية والشعور الدائم بالحزن .
اقترحنا على السيدة إحالتها لأخصائية نفسية، وشرحنا لها نوع الخدمة المقدمة بهذا الاتجاه، فوافقت، وبدأ التعاون مع الأخصائية.
تم العمل على تمكين السيدة نفسياً، وتعليمها أساليب التواصل الصحيحة مع ابنها وزوجته، ومساعدتها للخروج من حالة الاكتئاب التي تسيطر عليها. كما تمت إحالتها إلى برنامج سبل العيش لتعليمها مهنة تملأ بها وقت فراغها وتؤمن لها استقلالية مادية مهما كانت بسيطة. وسعاد الآن إحدى المشاركات بدورة الخياطة التي تنفذ حالياً في المركز.
كان واضحاً بأن السيدة ذات إرادة قوية ومتعاونة جداً، وأظهرت تحسناً سلوكياً كبيراً بفترة قصيرة.
أصبحت سعاد أكثر تفاعلاً مع السيدات المشاركات في دورة الخياطة، والمفاجأة كانت بتحسن العلاقة الملحوظ مع زوجة ابنها فأحضرتها معها إلى المركز في إحدى الزيارات! وعبرت عن سعادتها وفخرها بها.
انتصرت على حالة الاكتئاب وأصبحت تتحدث بإيجابية عن الحياة من جديد، وبمشاركتها بالدورة أصبح لوقتها معنى ومتعة. وكل همها الآن أن تتمكن أكثر بمهنة الخياطة لتقوم بمشروع صغير في المنزل يدعمها مادياً.
لم تتجاوز مدة عملنا المشترك أكثر من ثلاثة أشهر فقط حتى بدا التغيير الجذري بحياتها واضحاً، وتعبيرها بأن "الحياة رجعتلي" كان أكبر دليل على تحسن وضعها، وضحكتها التي ارتسمت على وجهها أصبحت تمنح الأمل للجميع