الرئيسية

نقطة نور بظلام حياتي

السيدة هدى تبلغ من العمر 34 سنة، لديها أربع بنات. كانت تقيم في ببيلا، تزوجت بعمر 15 سنة حسب عادات المنطقة، من شاب يبلغ من العمر 21 سنة. وكان عاطلاً عن العمل، يعيش في منزل الأهل ويتلقى مصروفه من والدته، مما أعطاها سلطة التحكم بحياتهم، وهنا بدأت المشاكل بين الزوجين.
كانت هدى متفوقة في المدرسة ووافق أهلها على الزواج بشرط متابعتها التعليم، ولكن بعد الزواج رفض الزوج وأهله ذلك ومنعوها من متابعة تعليمها. وبسبب تحريض والدة الزوج تعرضت هدى للضرب والتهديد بالطلاق خصوصاً لأنها تنجب بنات.
ولم يفلح صبرها، حسب نصيحة أهلها، بتحسين أي جزء من حياتها، بل كانت الأمور تتجه للأسوأ.
تابعت هدى دراستها عندما سافر الزوج مع أهله تاركاً إياها مع طفلتين. وبعد عودته بفترة أنجبت الابنة الثالثة، وعادت المشاكل...
وعندها قرر الزواج بسيدة أخرى مطلقة لأنها كانت قد رزقت بصبي!... فعادت هدى الى أهلها مع بناتها الثلاثة، ورفعت دعوى طلاق. وعملت في إحدى المدارس. لكن عندما بدأت الحرب في سورية، بدأت تنتقل من منطقة لأخرى مع عائلتها وخسرت عملها. فقررت العودة لزوجها وسافرت الى السعودية لتعيش مع زوجها وزوجته الثانية وأهله. ويعود العنف مجدداً بالضرب لها ولبناتها. ولدت ابنتها الرابعة ولديها ثقب في القلب.
وفي أحد الأيام علمت هدى أن زوجها قد اغتصب بناته (الأولى كان عمرها 10 سنوات والثانية 12 سنة)، وكان ذلك قبل 7 أشهر. وهنا قررت إبلاغ الشرطة. تم فحص الفتيات ولكن ذلك لم يساعد بسبب مرور وقت طويل على الحادثة. لكن التقرير النفسي للطفلتين أكد تعرضهم لاضطرابات نفسية، مما ساعدها على دخول مركز الحماية في السعودية. وبقيت هناك لسنيتن ونصف دون علم أهلها وطلبت الطلاق لتعود الى سورية لتعيش مع اهلها بظروف صعبة ورفض مستمر لها ولعملها كونها مطلقة.
تعرفت السيدة على مركز بيت الوئام في جرمانا عن طريق والدتها التي كانت تتردد لحضور جلسات الأمهات وزارت المركز على أمل مساعدتها بشيء لأطفالها.
تم تحويلها إلى مدير حالة حماية الطفولة الذي طلب الاجتماع بالأخصائية النفسية ومدير حالة ملف العنف القائم على النوع الاجتماعي بهدف التقييم المشترك لمساعدة السيدة بأفضل شكل ووضع خطة التدخل:
تم تحويل هدى الى الخدمة القانونية من أجل دفتر العائلة والأوراق الثبوتية للأطفال، وقد حصلت عليها.
ثم تم تأمين بعض احتياجاتها عن طريق ملف المبادرات، لمساعدتها بالإقامة بمنزل مستقل، كالأغطية وغيرها، وقُدِم لها خزانة خشبية.
وشاركت بجلسات دعم نفسي، وأوليت اهتماماً كبيراً من قبل مدير حالة ملف العنف، مما قوّاها وأعاد لها الثقة بالنفس. وساعدها استمرارها في الجلسات بالتأقلم مع وضع عائلتها، وتعلم كيفية التصرف والتعامل مع بناتها ومع وضعها. وخلال هذه الجلسات، تم تحويلها إلى برنامج سبل العيش لمساعدتها في الحصول على حقيبة حلاقة تدعمها كبداية لكسب رزقها، لأنها كانت تتقن هذه المهنة. وضمن إمكانيات السيدة، عرضنا عليها فرصة للعمل في الجمعية، وكان هذا مساعداً لها في الحصول على دخل ثابت، ويمكّننا من متابعتها ودعمها نفسياً. فعملت ضمن ملف العنف القائم على النوع الاجتماعي. وكان هذا العمل مفيداً لها جداً، ومشاركتها بحملات التوعية انعكست عليها أولاً بالوعي للعديد من القضايا الهامة وخصوصاً حملة الزواج المبكر التي جعلتها تصمم على تعليم بناتها ومتابعة تعليمها هي بالذات. وها هي هدى بالمتابعة والمساعدة من طرفنا قد حصلت على الشهادة الثانوية وسجلت في الجامعة.
ووصفت هدى حالتها :
استعدت ثقتي بنفسي وقويت شخصيتي، حتى افكاري تغيرت، وبدأت الحياة تعود من جديد في عائلتي الصغيرة ... وبدأت تتجدد أحلامنا وتكبر.
كل الشكر للجمعية السورية يلي ساعدوني وساعدوا أطفالي، تابعوا تفاصيل حياتنا ومسكوا أيدينا حتى وصلنا لبر الأمان.
الجمعية كانت نقطة النور بظلام حياتي. وأقول لكل سيدة تتعرض لعنف لا تستسلمي، لا تنكسري، تحدّي، وكوني أقوى من الظروف.