الرئيسية

بإبرة وخيط بتعمّر بيت

فاطمة وعائشة توأمٌ في التّاسعة من العمر، نزحتا مع أسرتهما من ريف حلب الشّرقي إلى مدينة جرمانا في دمشق، مجرّدتَين من كلّ ما يملكانه، من التّعليم، الأمان، والأصدقاء، ومن الأسس الّتي تحقّق للطّفلتين أبسط حقوقه، ما جعلهما يفقدان حتّى الثّقة بالنّفس.


رصدَ فريق متطوّعي الجمعيّة السّورية للتّنمية الاجتماعيّة الطّفلتَين، ودعا والداهما للتّسجيل في مركز أثر الفراشة المجتمعيّ في جرمانا، والّذي التقت بهِ مديرة حالة حماية الطّفل واطّلعت أكثر على وضع الطّفلتَين اللتين تعانيان الحرمان، وبحسب قول الأب " حتّى المدرسة مع إنها مجّانيّة بس مو قدران سجّلن فيا، كنت معلّم خياطة وعندي محلّ، بقدر أمّنلن كلّ شي بيحتاجوه، وهلق عاجز اشتريلن حتّى بسكوتة".


عقدت مديرة الحالة جلسات فرديّة مع كلا الطّفلتَين، كخطوة أساسيّة لتقييم شامل وعميق لحالة كلٍّ منهما، ثمّ وضعت خطة تدخّل خاصّة بهما، وذلك بالمشاركة معهما ومع والدهما، وبناءً عليه تمّ دمج فاطمة وأختها في مجموعة صديق، وإحالتهما إلى القسم التّعليميّ، وإلى الحملات والفعّاليّات المناسبة.

كما سيتمّ تسجيل الأختَين بالمدرسة بداية العام الدّراسي القادم؛ ولأنَّ حماية الطّفل تقوم على العمل بالتّوازي مع الطّفل ومقدّم رعايته، فقد أُحيل الأب إلى برنامج المشاريع الصّغيرة ليتمكّن من العودة إلى عمله في مهنة الخياطة، وبالتّالي تأمين الاحتياجات الأساسيّة للعائلة بما في ذلك الطّفلتين
بعد فترةٍ من انضمام فاطمة وعائشة إلى الأنشطة لاحظ الميسّرون تحسّن كبير في قدرتهما على التّعبير عن الذّات والحوار، حيث عبّرت إحداهما عن مشاعرها قائلة " يا ريت بابا جابنا من زمان لعندكن، لما إرجع عَ البيت ومعي رسمة أو أشغال وعلّقن عَ الحيط ويشوفوهن الضيوف ويعرفو إنّو أنا وإختي اللي عاملينن بنشوف حالنا كتير ما بعرف كيف بدنا نوصفلك فرحنا انو لح نسجل بالمدرسة ونصير نحمل شنتة مثلنا متل العالم" .
والد فاطمة وعائشة حصل أخيراً على الموافقة من أجل مشروعه، وقد عبّر عن فرحه الكبير بذلك قائلاً "هلق أنا متل طفل صغير خلق من جديد، رجعت حبّ الحياة ورجع عندي طموح، صرت قدران فكّر شو ممكن إعمل وقدِّم لعيلتي، هلق البيت كلّو عم يضحك، وفاطمة وعائشة كانوا فاقدين بالفترة الماضية للأب القوي اللي قادر يرافقن ويحمين ويلبّيلن حاجاتن الأساسية ".