الرئيسية

بعد الظلمة ...نور جديد

الطفلة رهف، عمرها 15 سنة، مهجرة من السيدة زينب، وتسكن حاليا في جرمانا مع عائلتها. تعرفت الطفلة على المركز عن طريق فريق من متطوعي الوصول الذين رافقوا الطفلة ووالدتها إلى المركز حيث سجلت رهف في برامج الدعم التعليمي وسجلت والدتها ببرنامج اسمع قلبي للسيدات .

التزمت رهف بالدوام في المركز، وبعد مدة لاحظت الأخت الميسرة آثار ندوب وجروح على يد الطفلة ، مما استدعى كتابة إحالة لها.

قمت باللقاء مع الوالدة والتحدث معها عن سلوكيات الطفلة، فأخبرتنا أنها تراجعت كثيرا في دراستها في الفترة الماضية، ورسبت في صفها. كانت تميل للجلوس وحيدة أغلب الوقت، وأصبحت عنيفة في التعامل مع إخوتها ، تضربهم وتصرخ عليهم في أكثر الأحيان.

تحدثنا مع الأم عن طبيعة منطقتهم فعلمنا أن مظاهر العنف وإيذاء النفس في منطقتهم أمر شائع ولا بد أن الطفلة كانت تشاهد ذلك.

كما ذكرت الوالدة أنها في إحدى المرات، حدثت مشكلة بينها وبين الطفلة، فذهبت رهف إلى مكان مهجور قريب من المنزل، وعندما تبعتها الأم شاهدتها تقوم بجرح يدها بقطعة زجاج دون أن تبدي أي علامات للألم أو البكاء، فقامت الأم بضرب الطفلة بشكل عنيف .

تم اللقاء برهف والعمل على بناء علاقة ثقة معها، وبعد عدة جلسات تحدثت الطفلة أنها تقوم بإيذاء نفسها منذ سنتين، وأنها تستخدم أدوات مختلفة لجرح يديها (ككسرة مرآة – شفرة – سكين)،وأنها تستخدم هذه الطريقة لتفريغ الغضب حيث قالت (أنا برتاح لما شوف الدم). وذكرت أنها شاهدت أشخاص يقومون بإيذاء أنفسهم في حيّها، وهم مصدر ثقة وأمان بالنسبة لها.

1

قمنا بتمرين مشاعر مع الطفلة لتحديد المشاعر والحالات التي تدفعها للقيام بهذا السلوك.

تبين أنه الغضب وشعور الوحدة، رهف ليس لديها أصدقاء، وتجلس غالبا في الحديقة بمفردها.

تحدثنا مع الطفلة عن قيمة الجسد وأهمية الحفاظ عليه. ووضعنا خطة مشتركة للبحث عن حلول بديلة عند شعورها بالحاجة للقيام بهذا السلوك (كممارسة نشاط بقوة – توجيه اللكم للوسادة – الضغط على كرة الإجهاد - تمزيق ورقة والتخلص منها – الاستحمام بماء بارد). وقمنا بإعطائها بعض الأدوات البسيطة كالكرات المطاطية ودفتر رسم .

ركزنا على التحدث الإيجابي عن الذات، وقمنا معها بكتابة قائمة من الصفات والأفعال الجيدة التي تقوم بها. وفكرت في مواهبها وملكاتها، فتبين أنها تجيد كرة الطائرة وتحبها، فشاركناها بالنادي الرياضي الذي يقام في إحدى مدارس المنطقة بعد موافقة الأهل، وأصبحت رهف تقضي وقتاً جيداً في التدريب.

كما تم دمج الطفلة في حملة خطوات صغيرة، للتحدث عن خطر الشارع والسلوكيات التي يجب تجنبها.

ومع الاستمرار بالجلسات الفردية، تم دمج رهف ضمن برنامج صديق لتكوين دائرة من الأصدقاء حولها، عبرت الأخت المرافقة أن رهف مندمجة مع أصدقائها وتشارك بتنفيذ الأنشطة واختيار المواضيع.

وقد شاركت الفريق في زيارة لدار الكرامة (مركز رعاية المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة)، حيث قاموا بنشاط مشترك مع نزلاء الدار -ضمن مجموعة صديق-  كان تفاعل الطفلة كبيراً أثناء النشاط، وقامت مع بعض النزلاء بنشاط موسيقي قبل نهاية الزيارة.

2

وعند عقد جلسة مع الطفلة بعد زيارة الدار، قالت أن المسنين وذوي الاحتياج منحوها قوة كبيرة، ودافعاً لتعرف قيمة نفسها، وأهمية وجود عائلة حولها ترعاها وتهتم بها، وقررت أنها لن تعود لإيذاء نفسها، وأنها تستخدم طرقاً صحية لتفريغ غضبها وانفعالها، ولن تعود لإيذاء جسدها. كنا فرحين بهذا التقدم عند رهف، وقمنا بمرافقتها إلى طبيب جلدية للحصول على المرمّمات المناسبة.

3

وحدثتنا والدة رهف عن تغير سلوكيات الطفلة في تعاملها مع إخوتها ومعها شخصياً، وبأنها أصبحت أكثر لطفاً وهدوءاً.

توقفت الجلسات الفردية لرهف ، ولا تزال تشارك معنا ببرنامج صديق تحت رعايتنا وانتباهنا المستمر لها.